خذو دمي هناك...المجرم شارون يدنس المسجد الأقصى...المصلون ينتفضون على الجنود الصهاينة...التحم الفريقان...إنطلقت الرصاصات الغادرة...جرت الدماء...زاد الحنق والغيظ من المصلين...إنطلقت من أياديهم الحجارة...أختبأ الجبناء خلف الجدران...جاء دور القنابل الغازية السامة...الدخان الكثيف حجب الرؤيا...إرتفعت أصوات الإسعافات...إنتفض الشعب الفلسطيني المسلم في شتى بقاع فلسطين...دارت المواجهات في كل مكان...حلقت الطائرات... قصفت... دمرت...المدرعات والدبابات أحاطت بالمدن الفلسطينية...الدوريات تجوب الطرق، تحميها طائرات أمريكية...مداهمات للمنازل...تدمير للمزارع...النيران تشتعل في مناطق شتى...مواجهات في الطرقات والأزقة...الشباب والأطفال يحملون الحجارة... الأعداء يقتلون ويسفكون الدماء...مشاهد...امرأة عجوز تبكي ابنها والنساء من حولها يحاولن تهدئتها...محمد الدرة يحتمي بجسد أبيه...محمد الدرة تصرعه الرصاصات...يصرخ أبوه الولد مات الولد مات...جنازة مكللة بالزهر، شباب يحملونها...الله أكبر... الله أكبر تنطلق من القلوب...طفلٌ صغير وعلى وجه براءة الأطفال وسؤال: بأي ذنبٍ قتلت...أيمان حجو... تحبو.. لا، تناغي أمها.. لا.. تبكي.. لا..إنها ساكنة...على شفتيها إبتسامة..وفي صدرها ثقب يبعث برسالة للعالم: قتلني اليهود، فبأي ذنب قتلت...جندي صهيوني يسوق طفلاً يصفعه على وجهه يسقط، فيجذبه، يذيقه صنوف الهوان ولسان حاله يقول: هذا الصفعة لأمتك، يتعب قليلاً يأتي أخر يكيل له اللكمات، وهذه للتاريخ...طائرة تحلق، تقذف بالنار، سيارة تحترق، شبابٌ يركضون، جثث متفحمة، صرخات بكاء عويل، جزاء كل إرهابي هكذا قالوا، وبينهم هذا مصير كل مسلم...شاب يصرخ، وعجوز تصيح، وشيخ عجوز تتعثر الكلمات في فمه: أين المسلمون... أين المسلمون؟؟؟ طفلٌ يتيم يحتضن ماتبقى من أبيه...طفلة صغيرة تحتضن عروستها الممزقة وصورة مهترئة، هذا ماتبقى من داري وذكرياتي...جنائز الأبطال تجوب الطرقات...الأطفال.. هذا يرمي بالحجر، وهذا يفلق الصخر...طفل يجري أعزل وبلا حجر يجري وخلفه جندي مدجج بالأسلحة، يقترب منه، يقف الطفل، يرفع حجراً، يستدير، يفر اليهودي، يرميه الطفل بالحجارة... مشهد شاهده العالم، يخبر عن جبن اليهود...لكن الطفل يُقتل... هكذا أرادوا ولهذا يخططون...قتيل مضرج بدمائه...ومصابون لم يبق لهم إلا قلوب تنبض...وهنا....في جدة.. في مؤسسة الحرمين الخيرية...وفي القسم النسائي...امرأة في العقد الرابع من عمرها...إرتفع بكاؤها ونحيبها...تتعثر في خطواتها...إستعجم لسانها... دموعها غزيرة، صدرها يضطرب...تبدوا وكأنها فقدت زوجها وابنائها...اتجهت الأنظار نحوها...هذا ماء.. شربت..اتقي الله ستقتلين نفسك...سكتت لكن دموعها لم تسكت...خذوا دمي أنا لا أملك سواه...خذوا دم أبنائي.. هذا كل ما أملك...الآن لا تقولي غداً...لن أرتاح... قلبي يعذبني...ضميري يؤنبني...لن يرحمني الله إن لم إبذله في سبيله...أرجوكٍ... ارحميني...والله أنا لا املك من حطام الدنيا إلا دمي...وقد وهبته لفلسطين...ولضحايا فلسطين...بكيت وبكى الجميع...وقفة هذه امرأة شاهدت، إستيقظ ضميرها، شعرت بواجبها نحو إخوانها، فما بال الكثير من أبناء هذه الأمة يغفلون عن واجب النصرة...أين نحن عن الدعاء.....
قصة من الواقع
الكاتب: عبدالله الهندي.
المصدر: موقع طريق التوبة.